الزراعة تفتح مصدر دخل جديد للسيدات في المفرق

الزراعة تفتح مصدر دخل جديد للسيدات في المفرق
الأحد 26 مارس, 2023

تشكّل النساء ما نسبته 49% من سكان الريف الأردني، وبعكس ما هو متعارف بأن العدد الأكبر من نساء الريفيات يعملن في الزراعة، فقد أظهر التوزيع النسبي للنساء الريفيات العاملات أن نسبة العاملات في مجال الزراعة والحراجة وصيد الأسماك لاتتجاوز نسبة 0.8 % كما لاتتجاوز نسبة امتلاكهن للحيازات الزراعية 6%. يعود ذلك للعديد من الأسباب، منها حرم الإناث من الميراث، وتردّي ظروف العمل في المزارع، وأبرزها وجود ثقافة العيب.

كانت حياة إكرام وهي أم لثلاثة أطفال مستقرة وهادئة حتى بِدء جائحة كورونا عام 2020، إذ فقد زوجها وظيفته، واضطرت العائلة للانتقال إلى منطقة المعمرية في محافظة المفرق. تقول إكرام ” كان علينا البحث عن فرصة عمل في منطقة المعمرية، ولكن الجائحة حالت بيننا وبين إيجاد أية فرصة، لذا فكّرت بالبدء بالزراعة لإعالة أسرتي، واستغللت الأرض المحيطة بالمنزل الذي كنا قد انتقلنا إليه حديثًا.”

وخلال فترة الجائحة، وبعد أن بدأت إكرام بالزراعة والإنتاج، بدأت أوضاع عائلتها بالتحسّن، حيث أحب أهل المنطقة منتجاتها، وزاد الطلب على ثمار الخيار والباذنجان التي قامت إكرام بزراعتها بطريقة عضوية، تقول إكرام “استفدت من دراستي في مجال الهندسة الزراعية لإنتاج خضراوات عضوية خالية من الأسمدة والمبيدات الحشرية الكيميائية، وقد ميّز هذا الأمر منتجاتي، وجعل أهل المنطقة يطلبونها باستمرار”.

يعمل مشروع الصحراء الذكية على دعم العاملين في القطاع الزراعي في مناطق البادية الشمالية الشرقية بهدف خلق فرص عمل جديدة، وتحقيق دخل مستدام للعاملين في هذا القطاع وتحسين ظروف عملهم، وتوفير فرص لتطوير المشاريع المنزلية الزراعية.

واجهت إكرام بعض المشكلات عند بدء مشروعها، فبالإضافة إلى رفض المجتمع حولها لفكرة حيازة المرأة لمشروع زراعي نظرًا لحاجتها للاستعانة بعمال من الذكور، فقد كانت الأرباح قليلة أيضًا بسبب استهلاك المحاصيل كميات كبيرة من المياه، كما أثّرت الظروف الجوية على إنتاج جزء كبير من المحاصيل الزراعية التي كانت مكشوفة ومعرّضة لأشعة الشمس الحارقة في الصيف، وللبرد القارس في فصل الشتاء.

قدّم مشروع الصحراء الذكية لإكرام بيتًا بلاستيكيًا نقلت إليه المحاصيل التي كانت مكشوفة، وبعد مرور أشهر فقط، قطفت إكرام ثمار تعبها، تقول إكرام “لولا دعم مشروع الصحراء الذكية لما استطعت الوصول إلى هنا، فقد جنّبني البيت البلاستيكي الذي تم تزويدي به من قبل المشروع خسائر كبيرة كانت يمكن أن تحدث لمحاصيلي لو كانت لاتزال مكشوفة.”

كان الإنتاج أفضل بكثير هذه المرة مما جعل إكرام تستعين بخمسين عاملًا منهم ستة وعشرين سيدة من اللاجئات السوريات لمساعدتها على الاعتناء بالنباتات، وكانت قد اختصّت النساء بفرص العمل هذه لخوضها تجربة سابقة عانت خلالها من نظرة المجتمع للعاملات في المجال الزراعي، حيث جعلت من مشروعها بيئة عمل لائقة لكل سيدة تسعى لإعالة نفسها وأسرتها

كما عزّز الدعم والتوجيه الذي قدّمه فريق مشروع الصحراء الذكية من ثقة إكرام بمشروعها، لتقوم بتسجيله وترخيصه بشكل رسمي، وتبدأ بالتوسّع لزراعة أصناف جديدة لم تسبق زراعتها في المنطقة كنبتة الأزولا التي يحتاجها مربّو الماشية في منطقتها، واستثمرت أرباح المشروع في زراعة أصناف أخرى تعتمد الزراعة المائية كالبصل والخس بأنواعه.

تتمنى إكرام أن يجد كل مزارع دعمًا لكي يتمكّن من الحفاظ على محاصيله، حيث ترى أن المشاريع الزراعية تشكّل أفضل مساهمة في الاقتصاد المستدام، وعن ثقافة العيب تقول “لا يجب أن نستسلم لرأي المجتمع خاصة حين لا يكون مبنيًا على أمور منطقية، فحينما تنهض امرأة واحدة ينهض مجتمع كامل، فمشروع صغير كمشروعي وفّر فرص عمل لستة وعشرين سيدة ساهمت كلٌّ منهن في تحقيق دخل جديد لأسرتها.”

يعمل مشروع الصحراء الذكية والممول من قبل الوكالة الفرنسية للتنمية والذي يتم تنفيذه من قبل اتحاد من المنظمات العالمية والمحلية تحت قيادة الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة على تقديم الدعم لأصحاب المشاريع الزراعية على عدة مراحل من خلال تزويدهم بالمعدات، و­تقديم التوجيه والإرشاد لهم فيما يخص عملية التسجيل والترخيص،  وربط مشاريعهم مع الأسواق المحلية، وتسهيل الشراكات ودعم التشبيك في السوق.