تربية النحل: مشاريع قليلة التكلفة تدر دخلًا على الأسر في مناطق البادية الشمالية

تربية النحل: مشاريع قليلة التكلفة تدر دخلًا على الأسر في مناطق البادية الشمالية
الأحد 15 يناير, 2023

تعتبر مشاريع تربية النحل لإنتاج العسل من المشاريع المهمة والناجحة، حيث أنها لا تتطلب متابعة يومية حثيثة وأرباحها عالية وتكلفتها قليلة، كما أنها وإن بدأت على نطاق أسري ضيق وبأعداد قليلة من الخلايا فإنها تشكل مصدر دخل إضافي للعديد من الأسر في مواسم مختلفة من العام، ولكن ولكون هذا المشروع مرتبط بالمواسم فإن الدخل لايكون منتظمًا ومع وجود عدد قليل من الخلايا يكون الإنتاج ضعيفًا أيضًا، كما يواجه مربو النحل مشاكل في بيع منتجاتهم في الأسواق، إذ لايمتلك معظمهم المعرفة اللازمة في التسويق وإدارة المشاريع، كما لايدرك معظمهم أهمية ترخيص مشاريعهم لتسهيل دخول منتجاتهم الأسواق المحلية بشكل قانوني بدلًا من اقتصار بيعها على دائرة الأقارب والجيران.

أبو راشد أثناء دعمه للنحل في عملية صنع العسل

ابو راشد، هو أب ومعيل لستة أبناء وأحد أصحاب المشاريع المنزلية في منطقة جرش، بدأ مشروع تربية النحل وإنتاج العسل بعد أن وجد إحدى الخلايا التي تكوّنت بشكل طبيعي على أحد الأشجار في الأرض التي تحيط بمنزله، ليبادر بشراء خلايا أخرى بهدف فتح مصدر دخل جديد لعائلته، إلاّ أن الإنتاج كان ضعيفًا، فعدد الخلايا التي امتلكها كان محدودًا، ولم تتوفر لديه الأدوات اللازمة لإنجاح المشروع

ومن خلال مشروع الصحراء الذكية، تم تزويد ابو راشد بمجموعة من الخلايا والمعدات، ليتمكّن من زيادة مبيعاته بنحو 40% حيث تنتج الخلايا التي تم تزويده بها أضعاف كمية العسل التي كان يتم إنتاجها في العام الماضي، يقول أبو راشد “لقد تضاعف الإنتاج وزادت الأرباح، وأصبح لدى عائلتنا مصدر دخل جديد، فابني وابنتي يعملان معي الآن في المشروع ، إذ لم يجدا فرصة عمل بعد تخرّجهما من الجامعة”

عرض علي عسله في مهرجان جرش السنوي في الأردن

أما بالنسبة لعلي (٥٦ عام) ، فقد مارس مهنة تربية النحل لسنوات طويلة، بل أن حبّه لهذا المجال دفعه للسفر للتعلم أكثر عن كل ما ينتجه النحل، لتتنوع منتجاته بين العسل، والشمع، والعكبر وحبوب اللقاح وغيرها،

إلا أن علي كان يواجه مشكلة في تسعير منتجاته، فقد كان البيع يقتصر على المعارف قبل أن يوجهه فريق مشروع الصحراء الذكية لتسجيل منتجاته وإجراء اختبار لها ليتمكّن من بيعها بسعر أفضل

لقد كان للدعم القانوني الذي تلقيته من قبل مشروع الصحراء الذكية أثر إيجابي كبير على مشروعي، فالآن استطيع بيع منتجاتي بسعر أفضل، فقد أضَفت الفحوصات المعتمدة قيمة على منتجاتي ومكّنتها من المنافسة بقوة أكبر في السوق، كما أتاح لي المشروع فرصة المشاركة وعرض منتجاتي في أحد أكبر المهرجانات في الأردن وهو ما ساعدني على الوصول إلى زبائن جدد من خارج الأردن

يعمل المشروع على تدريب أصحاب المشاريع المنزلية على تطوير منتجاتهم والتسويق لها، ويقدّم لهم الدعم اللازم عبر عدة مراحل تبدأ من التوعية القانونية ودعم عملية التسجيل والترخيص، وتسهيل الشراكات ودعم التشبيك في السوق 

قدمت نظمية تجربة تذوق للعملاء الجدد في مهرجان جرش

وكان الأمر مشابهًا بالنسبة لنظمية ٥٨ عام، إذ أنها لم تكن تعرف الكثير عن كيفية إدارة المشاريع، وحساب الأرباح، ولم تكن لديها المعرفة في مجال التسويق، فقد بدأت مع زوجها مشروع تربية النحل في عمر التقاعد، ولم تكن لديها خبرة سابقة في المشاريع، ولكنها  وبعد حضورها التدريبات المختصة التي قدّمها مشروع الصحراء الذكية، تمكنت من تسجيل مشروعها وتسعير منتجاتها وتسويقها بشكل أفضل،

تقول نظمية: بعد التدريبات التي شاركت فيها مع مشروع الصحراء الذكية أدركت أهمية التسويق، والآن لا أفوّت أي مهرجان أو بازار يمكنه أن يعرّفني على زبائن جدد، وعادة مايعود هؤلاء الزبائن للشراء مني بعد تجربة منتجاتي

وكان مشروع الصحراء الذكية قد قدّم لكل من ابو راشد، وعلي، ونظمية خلايا النحل والمعدات اللازمة لبدء مشاريعهم المنزلية، كما تم تقديم الدعم والتوجيه القانوني والإداري لهم بما في ذلك مساعدتهم في ترخيص وتسجيل مشاريعهم وتدريبهم على طرق حساب التكاليف والأرباح، والتسويق لمنتجاتهم عبر طرق مبتكرة.

ومن الجدير ذكره، أن مشروع الصحراء الذكية يأتي بتمويل من قبل الوكالة الفرنسية للتنمية وينفّذه اتحاد من المنظمات بقيادة الاتحاد الدولي لحماية الطبيعية بهدف إحداث نقلة نوعية في القطاع الزراعي من خلال التمكين الاقتصادي للفئات الأقل حظاً من الأردنيين واللاجئين السوريين العاملين في القطاع الزراعي في مناطق البادية الشمالية الشرقية والمفرق والزرقاء وجرش ولواء الرمثا التابع لمحافظة اربد بهدف خلق فرص عمل جديدة، وزيادة وانتظام دخل العاملين في هذا القطاع وتحسين ظروف عملهم، وتوفير فرص لتطوير المشاريع المنزلية الزراعية، إذ قام المشروع منذ عام 2021 بتسجيل وترخيص ما يزيد عن 143 مشروعًا منزليًّا، كما وفّر لأصحابها الدعم والتدريب في مجال الإدارة، والتسويق، والتسجيل القانوني، وغيرها من المجالات، ليتمكّن أصحاب هذه المشاريع من تحسين دخلهم والمساهمة في الاقتصاد المحلي بشكل فعّال