منشأة غذائية تفتح نافذة أمل لصغار المزارعين

رغبة منه في السير على خطى والده، فقد سعى أنور لمتابعة دراسته الجامعية في مجال الهندسة الزراعية لمتابعة أعمال والده.
وخلال العمل مع العائلة، لاحظ أنور عدم وجود منشآت لتجهيز الأغذية الزراعية للمزارعين في المفرق, إذ كانت المنشآت التي تقدّم خدمات التوضيب وتخزين المنتجات الزراعية متاحة لأصحاب المزارع الكبيرة فقط، الأمر الذي كان يصعّب حصول أصحاب المزارع الصغيرة على خدمات التغليف والتبريد للحفاظ على منتجاتهم طازجة للاستفادة من بيعها في مواسم أخرى.

كما كان أصحاب المزارع الصغيرة يعانون من التكاليف المرتفعة لمقدمي خدمات التوضيب والتخزين، إذ كانوا مجبرين على بيع محاصيلهم مباشرة بعد الحصاد بمبالغ زهيدة، يقول أنور “تكاليف إرسال المنتجات إلى الوحدات المتاحة كانت مرتفعة، لذلك أُجبِر أصحاب المزارع الصغير على بيع منتجاتهم مباشرة بعد الحصاد.”
ولأن المكان الوحيد المتاح لأصحاب المزارع الصغيرة كان على بعد 69 كيلومترًا من المناطق الزراعية في المفرق، فقد كان على المزارعين تغطية تكاليف النقل ومواجهة خطر تلف المنتجات بسبب تعرضها للحرارة لوقت طويل، لذا فكّر أنور بافتتاح وحدة تصنيع لسد هذه الفجوات التي يواجهها القطاع الزراعي، وأطلق على الوحدة اسم سهول العلاة، وسعى من خلالها لتقديم خدمات التعبئة والتخزين والتغليف لأصحاب المزارع الصغيرة، ولكنه ما إن حدد موقع المنشأة حتى أدرك أنه لا يمكنه شراء المعدات اللازمة لبدء العمليات.
وبعد أن تلقى أنور الدعم من مشروع الصحراء الذكية، تمكن من تركيب خط يعمل على غسل، وتوضيب وتدريج الفاكهة والخضروات، وبدأ يتفديم هذه الخدمات لصغار المزارعين، ليستطيعوا الاستفادة منها برسوم رمزية، حيث تبدأ العملية بإرسال منتجاتهم إلى المنشأة، ليقوم العمال المدربون بفحصها وفرزها لضمان بيع الفواكه والخضروات عالية الجودة فقط إلى السوق، أو يتم تعبئة المنتجات و تخزينها في الفريزر و إعدادها للبيع في المواسم القادمة مما يحقق دخلًا مستدامًا للمزارعين.

وقد ساعد التمويل الذي قدّمه مشروع الصحراء الذكية لأنور بتوظيف 100 شخص، %70 منهم لاجئون سوريون. ومن الجدير بالذكر أنه تم الحرص على توفير بيئة عمل آمنة للعمال في منشأة سهول العلا، وهو تغير جذري بالنسبة للعديد منهم، فعلى سبيل المثال عانت فاطمة -18 عام- وهي إحدى اللاجئات السوريات اللواتي اضطررن للعمل في سن مبكرة لإعالة أسرهن من عدم توفّر بيئة عمل آمنة للنساء في المنطقة، ولكنها تشعر الآن بالأمان لكون حقوقها كعاملة محمية بموجب قانون العمل، تقول فاطمة: “كنت أعمل في مزارع حيث لم تكن الظروف مناسبة للنساء، ولم تتوفر هناك دورات مياه، كما كنا نضطر لمغادرة المنزل قبل الفجر، بالنسبة لي فقد شكّل العمل في سهول العلاة تحولاً في حياتي فأنا الآن أعامل باحترام.”

وبفضل الدخل الذي تكسبه، أصبحت فاطمة الآن قادرة على إعالة أسرتها المكونة من ستة أفراد كما أنها تدخر ما يمكنها للعودة إلى المدرسة، حيث تأمل في الحصول على شهادة في الطب.

أما بالنسبة لموفق -30 عام- والذي كان يكافح من أجل الحصول على مصدر دخل ثابت إذ أن العمل في القطاع الزراعي مرتبط بمواسم معينة فقط، فقد شكّلت سهول العلا فرصة له للحصول على دخل مستدام، “أنا ممتن لحصولي على فرصة عمل في سهول العلا، فقد أصبح لدي دخل ثابت بعد أن كنت أعاني للحصول على وظيفة مستقرة”

توفر منشأة سهول العلا فرص عمل للأردنيين والسوريين بينما تدعم المزارعين المحليين وأصحاب المزارع الصغيرة، ويأمل أنور أن تتمكن منشأته من خدمة المزيد من أبناء محافظة المفرق، يقول أنور”لقد ساعد خط الإنتاج على إحداث نمو سريع في سهول العلا، فقد ارتفعت نسبة عملياتنا ومبيعاتنا بنسبة 50% كما بدأنا أيضًا بتصدير منتجاتنا إلى عدد من الدول العربية منها العراق والكويت والمملكة العربية السعودية ومصر.”